نسمع يوميا عن حالات طلاق بين المتزوجين حديثا في الشهور وربما الأيام الأولى للزواج، ولو حاورناهم عن الأسباب التي أدت الى وقوع الطلاق لما استطاعوا تحديد السبب الحقيقي لذلك... فالبعض يقول انني تسرعت في الزواج واخر يقول اكتشفت صفات سلبية في الشريك والأخر يقول ان شريك حياتي كان بخيلا او عصبيا وغيرها من اعذار..
السبب الحقيقي لوقوع مثل هذه الحالات من الطلاق هو نقص المهارات لدي الشباب والبنات المقبلين على الزواج، وهذه المهارات ممكن ان نصفها قبل واثناء وبعد الزواج او الانفصال بين الشريكين ...
و لعل اهم المهارات التي يجب ان يتحلى بها الشريكين قبل الاقدام على خطوة الزواج هي:
1.مهارة الاستعداد للزواج، جسديا وماليا وعقليا ونفسيا واجتماعيا وروحيا، في ذلك تفصيل مختصر.
•الاستعداد الجسدي : التأكد من عدم وجود معوقات جسدية لدي الشريكين يمكن ان تتسبب بمشاكل مع الشريك ، مثل الامراض التناسلية او الوراثية ،او إعاقة جسدية او عقلية غير ظاهرة وتتكشف للشريك لاحقا مثل مرض الصرع او امراض القلب وغيرها ، فعلى المقبلين على الزواج ان يكونوا صريحين مع الشريك في الإفصاح عن كل الامراض الجسدية لديهما قبل الاقدام على خطوة الزواج ، كما عليهم العمل على اصلاح بعض المشاكل الصحية قبل الزواج مثل مشاكل الاسنان و مشاكل النطق والسمع و مشاكل التغذية وغيرها ، لان ذلك عامل مساعد على استمرار العلاقة الزوجية وهو في صحية جسدية مناسبة.
•الاستعداد المالي: االذي يعين الشريكين على مواجهة متطلبات الحياة الزوجية دون تبذير او تقتير، من خلال معرفة الايرادات والنفقات الضرورية، مع توفير جزء من الدخل للطوارئ وللمستقبل.
•الاستعداد العقلي: من خلال زيادة حصيلة المعلومات التي يحتاجها المقبلين على الزواج لإدارة حياتهم بصورة أمثل من خلال تعلم الفروق بين الذكر والانثى في تكوينهم الجسدي والعقلي والنفسي وتقدير احتياجات كل شريك من الاخر...وهذه المعلومات يجب الحصول عليها من مصادرها كالاستشاريين والاختصاصيين و من خلال حضور الدورات والمؤتمرات وغيرها من مصادر علمية.
•الاستعداد النفسي: من خلال ضبط الانفعالات والمشاعر وعدم اهدارها بدون داع وعدم التقصير في اظهار مشاعر الحب والتقدير للشريك، والتحلي بصفات الهدوء والتسامح والتغافل مع الشريك واسرته.
•الاستعداد الاجتماعي: من خلال اكتساب مهارات التواصل مع اسرة الشريك وتحمل الضغوطات التي يمكن ان يتعرض لها وعدم السماح للأخرين بالتدخل في حياة الزوجين، مع احترام وتقدير والدين الشريك والتواصل معهما إيجابيا. وكذلك المشاركة في مناسبات الاسرتين في السراء والضراء.
•الاستعداد الروحي: ونقصد به مراعاة الله في علاقة الشريكين مع بعضهما ومراقبة مشاعرهما وسلوكهما وكلماتهما، فان كانت ترضي الله وتقودهما للجنة استمرا فيها، وان كانت هذه المشاعر والكلمات والسلوكيات لا ترضي الله فعليهما التوقف عنها.
2.مهارة حسن الاختيار:
ونقصد بها سعي الشريكين واسرتيهما في بذل الأسباب الكافية للتأكد من حسن اختيارهم لشريك حياة لابنهم او ابنتهم، عن طريق السؤال عنه من المقربين من الاهل او زملاء العمل والديوانية والنادي والمسجد وغيرها من أماكن يرتادها المرشح للزواج، على ان يكون السؤال عن أخلاقه وسلوكه وصلاحه واحواله النفسية من بخل وعصبية وغيرها من صفات محمودة او مكروهة وأحواله المادية والعملية.
ثم لا نغفل دور الشباب والبنات نفسهما في وضع الصفات التي يرجونها في الخاطب او المخطوبة، وهذه الصفات تغطي كل الجوانب الجسدية والعقلية والمادية والاجتماعية والدينية، ثم مطابقة هذه الصفات مع المتقدم للخطبة وكلما كانت صفات المتقدم قريبة لتوقعات المخطوب كلما كان ذلك احري باستدامة العلاقة بينهما، وكلما كانت صفات الشريك اقل من توقعاتنا كلما كانت توقعاتنا للعلاقة الزوجية المستقبلية سلبية.
3.مهارة الحوار: وهي من المهارات الضرورية لتدعيم العلاقة بين الشريكين إذا أحسنا إدارة حواراتهما بعيدا عن العصبية والاستهزاء ونكران فضل و جهود الشريك في الحياة الزوجية، فالحوار عبارة عن رسالة نرسلها للطرف الاخر وعلينا اختيار الوقت المناسب والمكان المناسب والطريقة المناسبة لإيصال هذه الرسالة والا فقدت أهميتها ولم تصل كما نريد، و يتبع مهارة الحوار مهارة الانصات والاستماع وهي دليل على الاحترام والتقدير للمتكلم.
4.التقبل للشريك كما هو : وعدم السعي لتغييره لان ذلك قد يؤدي الى تصادمات ربما تنتهي بالفراق ، فتقبل الشريك شكلا و سلوكا وعلاقات مع الاخرين ضروري لاستدامة العلاقة ، كما على الشريك ان يفرق بين الشخص والسلوك ، فانا احب شريك حياتي حتى لو لم يعجبني سلوكه، واصبر واتحمل حتى يقوم هو بتغيير سلوكه حبا لي وليس ضغطا مني.
5.مهارة ترتيب الأولويات: علي الشريك تعلم تلك المهارة حتى لا يقعا في مشاكل مادية او اجتماعية مع الغير ..فأيهما اولي ، سداد ايجار المنزل ام السفر وشراء الكماليات؟ ، وايهما اولي ان نبر والدينا ام نقوم بالتزامات اجتماعية أخرى؟.
6.مهارة حل المشاكل: من خلال تعلم استراتيجية ( انا اربح وانت تربح ) للوصول الى حلول تناسب الطرفين دون طغيان احدهما على الاخر ودون السماح للأخرين في التدخل في المشاكل التي تحدث بين الزوجين.
7.مهارة إدارة الوقت: لإنجاز كل المهام في الوقت المناسب والطريقة المناسبة وتقسيم الوقت بين ما هو للزوج وما هو للشريكين والاسرة وما هو للغير وللعمل وللهوايات، دون طغيان لواجبات على أخرى.
8.مهارة إدارة الميزانية: للوفاء بالتزامات الاسرة دون تبذير او تقتير، وتعلم مهارة التوفير، وتخصيص جزء من الدخل للصدقة.
9.مهارة لعب وتنفيذ الادوار: للزوج أدوار معروفة في الانفاق و تلبية احتياجات الاسرة وحمايتها من الاخطار، وللزوجة دور الاهتمام ببيتها واسرتها وإدارة المنزل بمساعدة الزوج والخدم أحيانا، ومتي ما تداخلت الأدوار وقام كل من الزوجين بأدوار الاخر - بدون سبب وجيه – وقعت المشاكل والصراعات لانتزاع الأدوار في البيت وخارج البيت ، مع الأبناء و مع الخدم ومع الاخرين...
و هذه المهارات تكاد تكون ضرورية لجميع الأزواج ومتى اجادوها انتقلوا بسفينتهم الى بر الأمان، ومتى ما فقدوها دبت المشاكل منذ اليوم الأول و بدأ البعد عن عش الزوجية بأعذار واهية ، حتى وقوع الطلاق.
عثمان المحطب
مركز الاسرة للاستشارات النفسية والاجتماعية
ابريل 2019 م